هل يشكل الذكاء الاصطناعي في قطاع السلع الاستهلاكية ثروة حقيقية أم مجرد خيال؟
تحليل شامل لكيفية تحقيق الاستفادة القصوى من الذكاء الاصطناعي لرفع كفاءة الإنتاج وخدمة المستهلكي
هل الذكاء الاصطناعي مستقبل قطاع السلع الاستهلاكية؟
أصبحت شركات السلع الاستهلاكية اليوم في مفترق طرق: بين استثمار ضخم في التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي، وبين التساؤل حول العائد الفعلي على هذا الاستثمار.
في تقرير حديث من شركة “ماكنزي” للاستشارات، يبدو الذكاء الاصطناعي عاملا مؤثرا قادرا على إحداث تحول جذري في القطاع، ويحاول التقرير الإجابة عن سؤال: هل يمكن لهذه التقنية أن تكون فعلاً ثروة مضافة أم هي مجرد موجة عابرة تساهم في تعزيز بعض الكفاءات التشغيلية دون تأثير مستدام؟
التحول الرقمي: أدوات ونتائج ملموسة
يأتي التحول الرقمي بمفهوم أعمق من الأتمتة التقليدية، حيث يتطلب إعادة هيكلة العمليات لزيادة الكفاءة وتلبية توقعات المستهلكين التي تتغير باستمرار.
وفي الوقت الحالي، تتبنى العديد من الشركات تقنيات الذكاء الاصطناعي لتحليل البيانات الضخمة، وتحسين عمليات الإنتاج، وتقديم توصيات ذكية مخصصة للمستهلكين.
وتبدو في هذا السياق بعض المجالات منفتحة أكثر من غيرها في تبني التحول الرقمي وتحقيق نتائج إيجابية من هذا التبني. ويمكن أن نذكر في ذلك:
1. تحسين سلسلة التوريد: حيث يمكن للشركات توقع الطلب وضبط مستويات المخزون بفضل تقنيات التحليل التنبؤي الذي يقلل من هدر الموارد ويزيد من الكفاءة.
2. تقديم عروض مخصصة: وفيه تتيح تحليلات البيانات للشركات فهم توجهات المستهلكين بدقة، مما يعزز قدرة الشركات على تقديم منتجات أو خدمات تتناسب مع اهتماماتهم الشخصية.
الذكاء الاصطناعي التوليدي: إمكانات جديدة في تلبية احتياجات المستهلكين
يتضمن الذكاء الاصطناعي التوليدي ابتكارات تعتمد على تقديم محتوى أو منتجات تستند إلى البيانات التي تم جمعها مسبقًا. ويمكن لقطاع السلع الاستهلاكية أن يستفيد من هذا النوع من الذكاء الاصطناعي في توفير تجارب مخصصة أكثر للمستهلكين، مما يتيح تحسين الخدمة وزيادة ولاء العملاء.
ويشير تقرير ماكنزي إلى أن الذكاء الاصطناعي التوليدي قد يصبح أداة أساسية لتحقيق التميز، خاصةً في مجالات مثل تحليل بيانات العملاء وتقديم توصيات للمنتجات التي تتناسب مع الأذواق الفردية.
لكن رغم إمكانياته الواعدة، إلا أن هذه التقنية الوليدة تواجه تحديات عدة من بينها:
• الاستثمار العالي: حيث يتطلب اعتماد هذه التقنية تكاليف ضخمة في البنية التحتية والبرمجيات، مما يجعلها غير متاحة بسهولة للشركات الصغيرة والمتوسطة.
• ندرة الخبرات البشرية: حيث تحتاج الشركات إلى كوادر مؤهلة لإدارة وتشغيل وتطوير أنظمة الذكاء الاصطناعي، مما يُعد تحديًا كبيرًا في بعض الأسواق.
التحديات الرئيسية: هل نحن مستعدون للمستقبل الرقمي؟
يأتي الحديث عن الذكاء الاصطناعي دائمًا مترافقًا مع تحديات ومخاوف حول مدى فعاليته الحقيقية. وتُثار أسئلة مهمة حول القيمة التي يمكن أن يضيفها الذكاء الاصطناعي على المدى الطويل بالنسبة لقادة الأعمال في قطاع السلع الاستهلاكية.
وتشير الدراسات إلى أن 71% من قادة الشركات قد بدأوا في اعتماد الذكاء الاصطناعي بوظيفة واحدة على الأقل داخل مؤسساتهم، ومع ذلك لا يزال القطاع غير قادر على الوصول إلى مستويات الاعتماد الكلي مقارنة بقطاعات أخرى، مثل التكنولوجيا والإعلام .
الفرص المتاحة: الثروة الكامنة في التحول الرقمي
في الوقت الحالي لا يمكن اعتبار تبني التحول الرقمي مجرد ترف اقتصادي، لكن الوقائع على الأرض تؤكد أنه ضرورة لتحقيق التنافسية في السوق.
فرغم كل ما يمكن الحديث عنه من تحديات كبيرة تواجه تبني الذكاء الاصطناعي، إلا أن تكلفة عدم الاعتماد عليه قد تكون أكبر من تكلفة اعتماده، كما أنه يمكن أن يفتح آفاقًا واسعة لتحقيق عوائد استثمارية تتراوح بين تحسين الكفاءة التشغيلية، وزيادة الإنتاجية، وصولاً إلى تحقيق التميز في تقديم الخدمات للمستهلكين.
وعند الحديث عن أبرز الفوائد التي يمكن للشركات تحقيقها عبر التحول الرقمي، يذكر تقرير ماكنزي مجموعة من النقاط المهمة مثل:
1. زيادة الكفاءة وخفض التكاليف، بسبب وجود تقنيات التحليل التنبئي والأتمتة الذكية التي تساعد في تقليل الهدر، وزيادة الإنتاجية، وتحقيق توفير في التكاليف.
2. تجربة مستهلك متميزة، بسبب قدرة الشركات على تخصيص خدماتها ومنتجاتها عبر تقنيات الذكاء الاصطناعي، وهو ما يساعد في تعزيز ولاء المستهلك وثقته بالعلامة التجارية.
3. تحقيق التميز التنافسي، من خلال اعتماد حلول تقنية متقدمة، حيث تكون الشركات قادرة على تلبية توقعات المستهلك بشكل أسرع وأدق، مما يمنحها ميزة تنافسية في السوق المتنامية.
السر البسيط: “التحول الرقمي”
يخلص تقرير ماكنزي إلى أن اعتماد الذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي بالشكل الصحيح، يُمكن قطاع السلع الاستهلاكية من تحقيق نجاحات كبيرة، تبدأ من تحسين الكفاءة إلى تحقيق نمو مستدام.
كما يوضح التقرير أن الشركات التي تتبنى هذه التقنيات قد تتمكن من تجاوز تحديات السوق الحالية وتحقيق مستويات جديدة من الأداء.
لكن يبقى السؤال المطروح: هل ستمضي الشركات قدمًا في هذه الرحلة الرقمية؟