خلاف نيويورك تايمز وPerplexity AI: أزمة الملكية الفكرية في الذكاء الاصطناعي

يثير الخلاف الأخير بين صحيفة نيويورك تايمز وشركة Perplexity AI ضجة في الأوساط التقنية والإعلامية، مما يعكس تحديات وأزمة حقوق الملكية الفكرية في الذكاء الاصطناعي التوليدي. تطالب الصحيفة الأميركية في إشعار قانوني الشركة بالتوقف عن استخدام محتواها دون ترخيص، مما يفتح الباب لنقاش أوسع حول حقوق الناشرين وإمكانات الشركات التقنية في استغلال المحتويات الإعلامية دون العودة إليها أو الدفع مقابل ذلك.

ما هي Perplexity AI؟

تعتمد شركة Perplexity AI الناشئة على الذكاء الاصطناعي لتقديم محرك بحث يحاكي التفاعل البشري. وتسعى الشركة التي تأسست قبل عامين بدعم من الملياردير جيف بيزوس، إلى منافسة عملاق البحث جوجل عبر استراتيجية يعتمد فيها محركها على إنتاج إجابات تفصيلية مستندة إلى محتويات من الإنترنت، بما في ذلك الصحف والمجلات، عبر تلخيص المقالات وربطها بمصادر مرجعية. تهدف الشركة أيضًا إلى تحقيق إيرادات من خلال الإعلانات، حيث تخطط لإطلاق إعلانات مرتبطة بالإجابات المولدة، مع تخصيص 25% من عائدات الإعلانات لصالح الناشرين الذين يستخدم محركها محتواهم.

تفاصيل النزاع القانوني

أرسلت صحيفة نيويورك تايمز إشعار “التوقف والامتناع” لشركة Perplexity AI في 2 أكتوبر 2024، مطالبة الشركة بتفسير كيفية الوصول إلى موقعها رغم تطبيق الصحيفة لتدابير تقنية لمنع عمليات “الزحف”. وردت Perplexity بأنها توقفت عن استخدام أدوات “زحف” غير مصرح بها، لكنها أشارت إلى أن بعض المحتويات ما زالت تظهر في نتائج البحث.

إضافة إلى ذلك، اتهمت نيويورك تايمز الشركة بأن استخدامها للمحتوى الصحفي في توليد الملخصات والمخرجات يعد انتهاكًا لحقوق الطبع والنشر. وأكدت أن هذه التصرفات منحت Perplexity وشركاءها أرباحًا غير عادلة من خلال استغلال مقالاتها التحريرية عالية الجودة دون تعويض عادل. كما أبدى الرئيس التنفيذي لـ Perplexity، أرافيند سرينيفاس، اهتمامه بالتعاون مع الناشرين، وأكد أن الشركة سترد على الإشعار بحلول الموعد النهائي المحدد في 30 أكتوبر

وتتهم نيويورك تايمز شركة “بربليكسيتي إيه آي” Perplexity AI باستخدام منشوراتها لتغذية نموذجها اللغوي وخوارزمياتها التي تعتمد على كميات من البيانات الضحمة لتقديم ردود للمستخدمين.

ولكن يبدو أن تحذيرات نيويورك تايمز لم تجدي نفعا مع شركة Perplexity AI التي تصر على استخدام محتويات الصحيفة في النتائج التي تولدها بـ”دون وجه حق ومن دون إذن باستخدام منشورات صحافية تطلّب إنجازها جهدا من البحث والكتابة”

الخلفية والتبعات القانونية

يأتي هذا الخلاف في سياق سلسلة من النزاعات المشابهة التي تواجهها شركات التكنولوجيا الكبرى مع مؤسسات الإعلام. على سبيل المثال، سبق للنيويورك تايمز أن اتخذت إجراءات قانونية ضد Microsoft وOpenAI في نهاية عام 2023 لنفس الأسباب المتعلقة باستخدام المحتويات الصحفية دون ترخيص.

وزعمت الصحيفة أن OpenAI استخدمت محتوياتها لتطوير ChatGPT ومنتج مايكروسوفت “Copilot”. وردت الشركتان بأن التجارب التي أجرتها نيويورك تايمز لاختبار انتهاك حقوقها تضمنت مطالبات موجهة عمدًا للحصول على محتوى معين من مقالاتها.

شكاوى مماثلة: أزمة Forbes مع Perplexity AI

في يونيو الماضي اتهمت Forbes شركة Perplexity AI بسرقة محتواها عبر نشر تقارير شبيهة جدًا بتقارير Forbes الأصلية، دون تقديم أي إشارات واضحة إلى المصدر.

على سبيل المثال، “بعد نشر Forbes لتقرير مفصل حول مشروع للطائرات بدون طيار يديره المدير التنفيذي السابق لشركة جوجل، إريك شميدت، نشرت Perplexity تقريرًا مماثلًا باستخدام أدواتها الخاصة، مع نسخ أجزاء من النص وأحد الرسوم التوضيحية من المقال الأصلي. وتم نشر التقرير كإشعار عبر تطبيق Perplexity وكمحتوى صوتي في بودكاست، بالإضافة إلى فيديو على YouTube تفوق في ترتيبه على جميع محتويات Forbes على محركات البحث”.

Perplexity التي لا تعتذر

لم تقدم Perplexity اعتذارًا رسميًا، بل وصفت هذا الحادث بأنه جزء من “ميزة جديدة” تحتاج إلى تحسين. أثار ذلك غضب الصحفيين، مثل كارا سويشر، التي وصفت تصرفات الشركة بأنها “سرقة أدبية”. ورغم تعديل بعض التنسيقات لتكون أكثر وضوحًا في الإشارة إلى المصادر، إلا أن Perplexity لم تقم بإصلاح التقارير المخالفة أو تقديم اعتذارات مناسبة.

سعى الرئيس التنفيذي لـ Perplexity إلى تصوير الشركة على أنها داعمة للإعلام عبر الإشارة إلى أن محركها كان ثاني أكبر مصدر للإحالات لموقع Forbes بعد ويكيبيديا، لكن البيانات أظهرت أن Perplexity شكلت فقط 0.014% من حركة المرور الإجمالية لـ Forbes. في المقابل، أرسل تقريرها المنسوخ عن مشروع شميدت عددًا أكبر من القراء إلى منصاتها مقارنة بجميع المقالات الأخرى مجتمعة في مايو. هذا التناقض أثار تساؤلات حول أخلاقيات استخدام الذكاء الاصطناعي في الإعلام.

برنامج مشاركة الأرباح وتأثيره

الجدير بالذكر أن شركة Perplexity AI أطلقت مؤخرًا نموذجًا لمشاركة الأرباح مع بعض الناشرين كجزء من جهودها لبناء علاقات تعاون مع المؤسسات الإعلامية. ويهدف هذا البرنامج إلى تقديم تعويض للناشرين الذين تُستخدم محتوياتهم في عمليات البحث التي توفرها المنصة. ومع ذلك، لم تكن نيويورك تايمز من بين الناشرين الذين وقعوا اتفاقيات مع Perplexity، مما أثار الخلاف الحالي .

انعكاسات النزاع على مستقبل الإعلام والذكاء الاصطناعي

تعكس هذه القضايا المتصاعدة بين المؤسسات الإعلامية والشركات التقنية تحديًا مستمرًا حول كيفية تحقيق التوازن بين الابتكار التكنولوجي وحماية حقوق الملكية الفكرية. ومع استمرار شركات مثل Perplexity في تقديم خدمات جديدة، يبقى السؤال حول كيفية صياغة اتفاقيات عادلة تحمي حقوق الناشرين وتدعم في الوقت نفسه الابتكار في مجال الذكاء الاصطناعي.

مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button