رائج حاليا

روبوت يرسم لوحة ويبيعها بمليون دولار: كيف غيّر الذكاء الاصطناعي ملامح الفن؟

أول عمل فني من إنتاج روبوت بشري

في أكثر الأحلام جموحا، لم نكن لنتوقع أن نقرأ حول بيع لوحة رسمها روبوت في مزاد علني مقابل مليون دولار، بعد أن كانت التوقعات في البداية تشير إلى بيعه بسعر أقصاه 180 ألف دولار!

نعم مليون دولار عدا ونقدا! ليس بسبب “جمالية” العمل أو أهمية الشخصية المصوّرة، وإنما بسبب كون اللوحة أول عمل يُباع في مزاد لفنان “غير بشري” على الإطلاق.

من هو آي-دا (Ai-Da)؟

آي-دا (Ai-Da) هو روبوت بشري مزود بقدرات متقدمة في الرسم وإنشاء الأعمال الفنية، تم تطويره ليكون أول فنان روبوت يعتمد على الذكاء الاصطناعي لإنشاء لوحات وتصوير شخصيات بطريقة لم يشهدها العالم من قبل، كما يتميز بقدرته على تقديم لمسة إبداعية مستقلة و”وجهة نظر فنية” مستندة إلى تحليلاته الخاصة للبيانات البصرية.

لوحة آلان تورينغ

تمكنت اللوحة التي تجسد عالم الرياضيات آلان تورينغ الذي يُعتبر أب الذكاء الاصطناعي، من جذب أنظار هواة الفن والمستثمرين على حد سواء، ليس فقط بسبب قيمتها الفنية، بل لكونها تمثل بداية عهد جديد حيث تجتمع الآلات والإبداع الفني.

روبوت AI-DA يقف أمام لوحات رسمها بنفسه من بينها لوحة آلان تورينغ التي بيعت في دار مزادات بأكثر من مليون دولار

ولم يكن إنتاج هذه اللوحة سهلا، فقد رسم روبوت آي-دا ما مجموعه 15 لوحة لتورينغ، استغرقت كل واحدة منها نحو 8 ساعات من العمل، مما يعكس إمكانيات هذا الروبوت في محاكاة العملية الإبداعية بتفاصيلها الدقيقة.

يُعتقد أن اختيار آي-دا لهذه الشخصية “لم يكن عبثيا”، بسبب اعتبار العمل دعوة للتأمل في طبيعة الذكاء الاصطناعي “الخارقة”، وهو تعبير لا يخلو من الجدل ويثير تساؤلات أخلاقية عميقة حول ما إذا كانت هذه الآلات قادرة على فهم القيم البشرية، أم أنها مجرد أدوات تمثل برمجة خالية من الروح   .

 تأثير العمل على سوق الفن العالمي

 أظهر مزاد “سوذبيز” في نيويورك بوضوح تعطش السوق لقطع فنية من نوع جديد تحمل معها قصة مختلفة وتجربة فريدة في عالم الإبداع البشري، وقد علّقت دار المزادات على الحدث بقولها إنه “يمثل لحظة تاريخية في الفن الحديث”.

يمثل سعر البيع القياسي اليوم لأول عمل فني لفنان روبوت بشري يُعرض في مزاد علني لحظة فارقة في تاريخ الفن الحديث والمعاصر ويعكس التقاطع المتزايد بين تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي وسوق الفن العالمي دار المزادات العالمي سوذبيز

لكن السؤال الأكبر هنا: هل يمكن لهذا الاتجاه أن يعيد تشكيل السوق الفني؟ هل يمكن للأعمال التي تنتجها روبوتات فنية أن تجد لها مكانًا بجوار إبداعات البشر؟ هذا يثير مخاوف من إمكانية أن يحل الذكاء الاصطناعي محل الفنانين، خاصة مع اهتمام المستثمرين الكبير بهذه التقنية وتأثيرها على قيمة الأعمال الفنية .

هل نحن أمام تهديد للإنسانية؟

بينما يثير بيع لوحة رسمها روبوت بمليون دولار، ودخول الذكاء الاصطناعي إلى عالم الفن حماسة لدى البعض، يشعر آخرون بالقلق من تداعيات هذه التقنية على المستقبل، فوجود روبوت مثل آي-دا قادر على إنتاج أعمال فنية قد يكون مقدمة لظهور “فن ذكي” يعتمد بشكل متزايد على الذكاء الاصطناعي في تفاعله مع الجمهور. ولعل هذا التحول يجبرنا على التفكير في طبيعة الفن وما يميزه، وهل يمكن لآلة أن تبدع فنًا بمعايير إنسانية؟

الفن البشري في مواجهة الذكاء الاصطناعي

كان الفن من خلال تاريخ البشرية وسيلة للتعبير عن مشاعرنا وأفكارنا، فهل يمكن لروبوت مبرمج أن يشعر أو يعبر حقًا؟ هذه الأسئلة لا تقتصر على الفن وحده، بل تمتد إلى قيمتنا كبشر وقدرتنا على الابتكار أمام قوة ذكاء اصطناعي ربما يعبر، من منظور تقني، بشكل أكثر كفاءة ودقة عن معطيات عالمنا. لذلك يبدو أن مستقبل الفن الذكي واعدًا، لكنه يبقى محفوفًا بتساؤلات حول هويتنا الإنسانية في هذا العصر الرقمي الجديد.

المصدر
BBCThe Guardian

مقالات ذات صلة

Back to top button