كيف تعيد “عرّابة الذكاء الاصطناعي” تشكيل مستقبل الذكاء المكاني؟
استكشاف تطوير الذكاء المكاني ودوره في الثورة التكنولوجية
يشتهر الذكاء المكاني، كنوع من أنواع الذكاء الاصطناعي الذي يتجاوز ما تقدمه النماذج التقليدية، بهدف فهم العالم المادي ثلاثي الأبعاد بشكل أعمق وأكثر دقة.
وفي خطوة تعكس التحول السريع في عالم التكنولوجيا، جمعت عرابة الذكاء الاصطناعي البروفيسور فيفي لي Fei-Fei Li، الرائدة في مجالها، مبلغًا قدره 230 مليون دولار لإطلاق شركتها الناشئة World Labs المختصة بتطوير تقنيات الذكاء المكاني.
ما هو الذكاء المكاني؟
يشير مصطلح الذكاء المكاني إلى قدرة الذكاء الاصطناعي على تحليل وفهم كيفية عمل العالم المادي في ثلاثة أبعاد. ويتجاوز هذا المفهوم مجرد تقديم صور أو نصوص مولدة عبر الذكاء الاصطناعي، ليشمل القدرة على إدراك الأبعاد المكانية والفهم الكامل للبيئة الفيزيائية.
وتعتمد تقنيات الواقع الافتراضي (VR) والواقع المعزز (AR) بشكل كبير على الذكاء المكاني لتمكين المستخدمين من تجربة بيئات تفاعلية تتسم بالواقعية.
وتشير فيفي لي إلى أن “الصور والفيديوهات التي رأيناها حتى الآن من النماذج التوليدية للذكاء الاصطناعي لا تمنحنا الفهم الكامل لكيفية بناء العالم ثلاثي الأبعاد.” وتركز شركتها World Labs على تقديم حلول تستند إلى نماذج الذكاء المكاني لفهم وتفسير تلك الأبعاد بشكل أكثر دقة.
خلفية فيفي لي
أثبتت الباحثة فيفي لي منذ ظهورها على الساحة، أنها واحدة من أهم العقول في مجال الذكاء الاصطناعي. وتحمل لي العديد من الألقاب والمناصب المهمة، بما في ذلك منصبها كأستاذة في جامعة ستانفورد ومديرة معهد الذكاء الاصطناعي المتمحور حول الإنسان.
كما كانت لي جزءًا من مجلس إدارة تويتر ولعبت دورًا حيويًا في تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي في شركة Google Cloud من 2017 إلى 2018.
لكن الإنجاز الذي يعتبر الأكثر تأثيرًا في مسيرتها هو عملها على تطوير ImageNet، وهو قاعدة بيانات ضخمة من الصور ساعدت في تعزيز تقنيات الرؤية الحاسوبية وتمكين الآلات من التعرف على الأشياء بدقة أكبر.
وبفضل هذا المشروع، أصبحت لي واحدة من أكثر الشخصيات تأثيرًا في هذا المجال، وتوجت بكونها واحدة من أهم 100 شخصية مؤثرة في عالم الذكاء الاصطناعي لعام 2023.
ماذا يميز World Labs؟
تعمل الشركة على تطوير ما يسمى بـ”النماذج الكبيرة للعالم” (Large World Models)، وهي نماذج تعتمد على تكنولوجيا التحويلات (Transformer) الشهيرة، التي تشكل الأساس لأنظمة الذكاء الاصطناعي مثل ChatGPT.
لكن ما يميز World Labs عن غيرها من الشركات هو أنها لا تعتمد فقط على التكنولوجيا الحالية. بل تسعى الشركة إلى دمج الذكاء الاصطناعي مع بيانات ثلاثية الأبعاد حقيقية ومولدة صناعيًا لإنشاء نظام قادر على التعرف على كيفية عمل العالم المادي.
وتفتح هذه القدرة آفاقًا جديدة في مجالات مثل الروبوتات والواقع الافتراضي والمعزز، حيث يمكن استخدام الذكاء المكاني لتحسين تفاعل الأنظمة مع البيئة المادية.
بين الأكاديمية وريادة الأعمال
ليس من السهل التوفيق بين الحياة الأكاديمية وريادة الأعمال، لكن Fei-Fei Li تتقن هذا الفن بجدارة. فهي لا تزال ملتزمة بدورها كأستاذة في جامعة ستانفورد ومديرة لمعهد الذكاء الاصطناعي المتمحور حول الإنسان، إلى جانب عملها على تطوير شركتها World Labs.
ويمنح هذا التوازن بين الأكاديمية وريادة الأعمال للباحثة رؤية شاملة، حيث تستطيع توظيف أحدث الأبحاث الأكاديمية في تعزيز التقنيات التجارية.
الشركاء والداعمين لـ World Labs
عند الحديث عن التمويل والداعمين لـ World Labs، نجد أن الشركة حظيت بدعم من كبرى شركات رأس المال الاستثماري، مثل Andreessen Horowitz وNew Enterprise Associates وRadical Ventures. كما شاركت شركات عملاقة في قطاع التكنولوجيا مثل AMD Ventures وIntel Capital وNvidia Ventures في تمويل الشركة، مما يعكس حجم الثقة في قدرات الشركة ومستقبلها.
مستقبل الروبوتات
من بين التطبيقات الرئيسية للذكاء المكاني هو مجال الروبوتات. حيث يمكن لهذه التقنية أن تساعد الروبوتات على التفاعل مع البيئة المحيطة بها بطرق أكثر ذكاءً وتكيفًا.
فالروبوتات التي تعتمد على الذكاء المكاني ستكون قادرة على التنقل في بيئات معقدة، وتفادي العوائق، وفهم السياقات المكانية بشكل أفضل، مما يتيح لها العمل في مجالات مثل الصناعة والخدمات اللوجستية والرعاية الصحية.
في الواقع الافتراضي والمعزز
تقنيات الواقع الافتراضي والمعزز هي واحدة من أكبر المجالات التي يمكن أن تستفيد من الذكاء المكاني. ويمكن أن تشمل التطبيقات في هذا المجال كل شيء من ألعاب الفيديو التفاعلية إلى الأدوات التعليمية وحتى التدريبات الواقعية.
وباستخدام الذكاء المكاني، يمكن لتجارب الواقع الافتراضي أن تصبح أكثر واقعية، حيث يمكن للمستخدمين التفاعل مع البيئات الافتراضية وكأنها جزء من العالم الحقيقي.
مستقبل الذكاء الاصطناعي
الذكاء الاصطناعي لم يعد مجرد أداة لتحليل البيانات أو توليد النصوص؛ بل أصبح أداة قوية لفهم العالم المادي من حولنا.
وبفضل التقنيات التي تطورها World Labs، يمكن أن يصبح الذكاء الاصطناعي قادرًا على تفسير البيئة المادية بثلاثة أبعاد، ما يؤدي إلى تحسين قدرات الروبوتات وتطبيقات الواقع الافتراضي والمعزز.
لكن التحدي الحقيقي الذي تواجهه فيفي لي Fei-Fei Li وشركتها هو كيفية تطوير نماذج قادرة على التعامل مع التعقيد الذي يصاحب فهم العالم المادي.
يحتاج الذكاء المكاني إلى بيانات ضخمة ومعالجة متقدمة، لكنه أيضًا يفتح الباب أمام فرص جديدة لا حصر لها في المستقبل.