تركيا تتصدى لفوضى العقارات بالذكاء الاصطناعي.. هل ينجح “مركز معلومات القيمة” في ضبط السوق؟
تأثير رفع أسعار الفائدة على مبيعات الوحدات السكنية في 2025
أزمة سوق العقارات في تركيا
في تركيا، من يجرؤ على شراء عقار؟ سؤال بسيط، لكنه كان معضلة حقيقية لسنوات طويلة. الأسعار كانت تقفز بلا منطق، والبيانات شحيحة، والسوق يعيش حالة من الفوضى – حتى جاءت خطوة طموحة جديدة من الحكومة: “مركز معلومات القيمة”، نظام رقمي ذكي يعتمد على الذكاء الاصطناعي والخرائط التفاعلية، هدفه ضبط الأسعار وإعادة الثقة إلى سوق العقارات في تركيا.
تقرير لموقع الجزيرة نت يلقي الضوء على هذا المشروع الذي إن نجح، قد يعيد تشكيل سوق العقارات في تركيا بالكامل. الفكرة هنا ليست مجرد تطوير تقني، بل تغيير قواعد اللعبة: قاعدة بيانات موحدة وشفافة، متاحة للجميع، من المواطنين العاديين إلى المستثمرين والجهات الرسمية ، لمعرفة القيمة السوقية الحقيقية لأي عقار، مع إمكانية المقارنة والتقييم الدقيق.
خطوة ذكية.. لكن هل تكفي وحدها؟
الذكاء الاصطناعي وحده لا يصنع المعجزات. صحيح أن وجود نظام يعالج ملايين البيانات ويقدم تقييمات دقيقة هو أداة قوية، لكن السؤال الحقيقي: هل السوق مستعدة للالتزام بهذه الأداة؟
الأرقام التي أوردتها الجزيرة نت توضح أن سوق العقار التركي لا تزال نشطة بشكل مذهل: مبيعات الوحدات السكنية ارتفعت بنسبة 27.9% في الأشهر الأربعة الأولى من 2024، مع أكثر من 118 ألف وحدة بيعت في أبريل وحده. ومع ذلك، هناك رياح معاكسة بدأت تهب: رفع البنك المركزي للفائدة إلى 46% قد يضغط على القروض، والمخاوف من الزلازل تدفع المشترين للبحث عن وحدات أصغر وأكثر أمانًا.
قراءة أعمق: هل نرى بداية نهاية المضاربات؟
إذا نظرنا إلى المشهد من زاوية أوسع، يمكن القول إن “مركز معلومات القيمة” هو اختبار حقيقي لعلاقة الدولة بالسوق. هل الدولة قادرة على ضبط سوق العقار في تركيا، أم أن قوى السوق، والمصالح المتشابكة، والضغوط الاقتصادية ستظل أقوى؟
وهل هذا المشروع قد يشكل نموذجًا يمكن لدول أخرى تبنيه، خاصة في العالم العربي حيث تعاني الأسواق العقارية من مشاكل مماثلة؟
وهل يمكن للذكاء الاصطناعي أن يكون بالفعل أداة لضبط الأسواق، أم أن الفجوات ستبقى، ويظل المتحايلون يجدون ثغرات لتجاوز الأنظمة؟
هذه الأسئلة تفتح الباب لنقاش أوسع حول دور التكنولوجيا في الاقتصاد، وحجم التغيير الذي يمكن أن يحدثه الذكاء الاصطناعي عندما يصبح جزءًا من القرارات اليومية للمواطنين والمؤسسات والدولة على حد سواء.
في النهاية، التجربة التركية تستحق أن نتابعها عن كثب، ليس فقط لأنها تعيد تشكيل سوق العقارات في تركيا، بل لأنها تعيد رسم حدود ما يمكن للذكاء الاصطناعي أن يفعله في عالمنا الواقعي.